الجمعة، 7 يونيو 2013

ثلاث أخطاء يقع فيها الناس في فلسفة الحقيقة



بسم الله الرحمن الرحيم
     في هذا الموضوع سنتطرق لأكبر ثلاث أخطاء يقع فيها العالم في فلسفة الحقيقة ....
الخطأ الأول هو أن الحقيقة الأكثر استخداماً هي حقائق العلوم التجريبية.... و الخطأ الثاني هو أن العلوم التجريبية كلها حقائق لا تقبل النقض....و الثالث: أن النقول لم تولد من حقائق تجريبية....
     و لنبدأ في تفصيل الخطأ الأول، ظن الناس أن حقائق العلوم التجريبية هي الأكثر استخداماً، و هذا خطئ واضح و كبير، و دعني أفسر لك ذلك... هناك نوعان من أنواع الحقائق باعتبار طريقة (أكيدتها)... النوع الأول التجربة و البرهان و النوع الثاني النقول... فالتجربة و البرهان هو أن تقع على حقيقة بسبب تجربة قمت بها سواء كان ذلك صدفة أم تعمداً.... و الحقائق النقلية: هي الحقائق التي سمعتها و آمنت بها لصدق المتكلم و النقلة... و من هنا سيتبين للأذكياء أن النقول أكثر من الحقائق التجريبية، ليس لأن التجربة محصورة في عدة أمور فقط، و إنما لأن الحقائق التجريبية نفسها لا يمكن أن تتعرف عليها إلا نقلاً عن المجرب نفسه،إلا إذا كنت أنت صاحب التجربة!، كما أن كثير من التجارب تحتاج إلى بعض الأمور التي لا تمتلكها مما سيؤدي إلى سد باب إثبات ذلك الأمر، فضلاً عن المعرفة العظيمة المطلوبة، فضلاً عن وجوب ممارسة التجربة بنفسك فالألعاب السحرية تنفذ أمامك لكن لو ماترستها عرفت الزيف!... سأمثل لك يا صديقي القارئ بمثال حصل لي أنا ولو كنت واثق من صدق الكاتب و الناقل عنه لكذبت تلك الحقيقة...
     ففي ذات مرة قرأت في أحد الكتب أنه عندما يكون هناك ماء في إناء سريع الاشتعال، فإنه مهما تسلط عليه النار فإنه لن يحترق طالما أن الماء موجود!، و ساق الكاتب تجربة طالبنا بالقيام بها نظراً لسهولتها و لأنها لا تحتاج إلى خبرة أو حتى آلات معقدة!، إلا أني لما قمت بعدة تجارب بان لي بأن المؤلف يكذب!!...و لكن الحقيقة أنني كنت أنا المخطئ! لأنني باختصار لا أملك (المعرفة العظيمة المطلوبة) و لما وقعت في يوم من الأيام موافقتاً على كتاب أخبرني أن الحديد موصل للحرارة، عرفت أنني يوم أن كنت أمسك بذلك الأناء على النار كان ربعه خالياً من الماء، و كان الملقاط الحديدي الخاص بالشواء تسري فيه الحرارة إلى ذلك الإناء مما أدى إلى ذوبانه و من ثم اشتعال النار في الذائب و من ثم  انسكاب الماء و اشتعال النار في الإناء الخالي من الماء أصلاً!!...
     فلاحظ هنا أن التجربة لم تكن معقدة! و لم تكن تتطلب علماً عظيماً بالمعنى الحرفي للكلمة، و لكن حدثت تلك الثغرة التي كانت بساطة (عدم الأهلية في التجربة!)..
     نكمل فنقول: إن الحقائق التجريبية التي حصلت بالتجربة و البرهان نسبة ثبوتها مثل نسبة ثبوت النقول الأخرى بالنسبة للذين لم يجربوا، فمثلاً كلنا يعرف أن هناك محتل في فلسطين، لكن لا أحد يمكنه أن يثبت ذلك إلا نقلاً عن فلان و فلان! لأنه لم يذهب إلى هناك و يتأكد من حقيقة تلك الحقيقة!! و قل مثل ذلك على قانون الجاذبية و الفيتامينات و العلاجات و الفضاء و الكواكب و شكل الشمس و كروية الأرض و غيرها من الأمور...
     أما الخطأ الثاني وهو أن العلوم التجريبية كلها حقائق لا تقبل النقض... فهذا ليس بصحيح، لأن كثير من الحقائق كانت قد أثبتت بالتجربة و البرهان إلا أنه مع تقدم وسائل إثبات الحقيقة عرفنا أن مثبت تلك الحقيقة قد جانب الصواب... و حتى تفهم المراد دعني أعطيك مثال واقعي.. (الألعاب السحرية)! لا يمكن لأي شخص أن يقول أنها خيال أو حلم! أنها تقدم أمامه... و بكامل حواسه... و لكن إثبات أنها (حقيقة) لا يمكن ذلك لأن هناك حقائق مخفية عنه، فلابد من أن يكشفها....قل مثل ذلك على أن الشمس كروية!! فكلنا يعرف ذلك لكن قد يمر زمن يكتشف الناس طريقة للدخول داخل الشمس!! و يتفاجئون بأن داخل تلك الغازات (كرة من الثلج الذي يخرج تلك الحرارة المهولة!) بطبع ستصبح كتبنا التي تقول أنه من المستحيل أن يوجد ماء (فضلاً عن ثلج._.) في الشمس و أن الشمس مجرد غازات لا كرة جامدة! هي مجرد (تخلف و رجعية لم يؤمن بها!!)... قل مثل ذلك على قانون الجاذبية ، فمن الممكن أن يكتشف في النهاية أن هناك حيوانات متناهية الصغر لا يستطيع المجهر أن يبينها - رغم أنها أكبر من الحيوانات التي يكشفها المجهر - لكن هناك اشعة أستكشفت حديثا أطلق عليها (الأشعة المخفية) وهذه الأشعة عندما تصطدم بزجاج المجهر العادي فإنها لا ترى! و أن الجاذبية في الحقيقة تتولد من تلك الحيوانات التي تكثر في مركز الأرض، و أن من قال بأن وسط الأرض بناره الضخمة التي تخرج أشعة كهرومغناطيسية ظن أن تلك النار الضخمة هي التي تخرج تلك الأشعة لكن الحقيقة أن تلك الحيوانات هي التي كانت تقوم بذلك!!!...أرأيت لا يمكن أن تكون العلوم التجريبية قداسة لا تمس... و لعلمك فقط، ستصلك تلك الأخبار كنقول و قد لا تتمكن من إثبات ذلك بنفسك، و لحسن الحظ أنك ستصدقها و تقول :(واو لقد تطور العلم بشكل مذهل!! نحن في عصر العلم بحق و حقيق!!)
     حتى أن العلوم التجريبية تطلب من المجرب وضع شيء أسمه (ضابط التجربة) لأنهم يقولون من الممكن أن يكون هناك خطئ منك فالضابط (قد) يخبرك عنه.... و لنفترض بأن هناك شخص يريد أن يتأكد بأن تلك القطع الصفراء التي داخل الطماطم هي البذور فعلاً!! فهو بلا شك لم يتأكد (من ناحية تجريبية) قط! فكل معرفته هي قال و قالت فهو قد (قالت) له أمه العامية وهي تقطع الطماطم في يوم من الأيام لما سألها عن ماهية تلك القطع الصغيرة ... (إنها بذور الطماطم يا صغيري!) و هي بالطبع ورثت تلك المعلومة عن أمها و هكذا تستمر السلسلة حتى المجرب! الذي تأكد بالتجربة و البرهان أن البذور تلك هي أشياء يخرج منها نبات يخرج الطماطم!.... و بطبع قام ذلك الطفل الذي أراد أن يتأكد بنسه عن حقيقة الأمر بوضع تربة ووضع فيها حبة الطماطم (و لعلمك فهو متخصص في زراعة الطماطم._.) و لكن و بكل أسف وهو نائم أتى طير و أكل حبة الطماطم الصغيرة!!، و لما بدء يسقي في تلك النبتة تفاجأ بأن هذه كذبة كبرى نجح أحدهم في إمرارها على الناس!!.... لكن من الممكن لو كان هناك (ضابط أي تجربة أخرى بعيدة عن تلك التجربة) فمن الممكن أن لا يأتيها الطير! كما أن عدم وصول الطير إليها ليس أمراً مثبتاً....
     الخطأ الثالث: أن النقول لم تولد من تجربة و برهان.... و هذا خطأ منشر خصوصاً بعد الثورة ضد الكنيسة و تملك أولئك الثوار للقوة العظمى في العالم... و هذا في الحقيقة خطئ بين، فالنقول مثل (حبة الطماطم) تنتهي بشخص قام بتجربة و البرهان....و سنتطرق بإذن الله في مقال آخر عن (طريقة إثبات النقول).....
تم في
09:56